إيحاءات القهوة
يتداول عشاق القهوه العربيه قصة عجيبة لعلوش بن ظويهر العنزي (ولد في عام 1824م الموافق 1238هـ في حائل) مع الأمير ابن رشيد حين ارتشف علوش فنجان القهوة تغير وجهه وقام بسكب القهوة على الأرض إلا أن الأمير لاحظ ما قام به علوش فسأله لماذا فعل ذلك أجاب علوش بأن القهوة “صايدة قعسي” ويقصد بأن فيها نكهة قعسي (وهي حشرة تشبه النملة وأكبر منها بقليل)!! تأكد ابن رشيد من صحة ادعاء علوش بعد تصفية دلة القهوة ليظهر فيها القعسي!!
تعجب ابن رشيد من ذائقة علوش أشد العجب وأراد أن يختبرها مرة أخرى…
في اليوم التالي طلب ابن رشيد من خادمه أن يضع في القهوة ورقة من شجرة العرفج.. علوش اجتاز هذا الامتحان بسهولة وتعرف على النكهة الدخيلة. تكرر الاختبار بإضافة عود من شجرة الأراك ثم كان الاختبار الأخير بأن تقدم القهوة نصف محمص حتى الاحتراق ونصف نيئ ثم تخلط وتطبخ فأفاد علوش بأن القهوة نصفها محروق ونصف نيء!!
لا بد أنك قد شاهدت في أحد الأفلام الأمريكية مشهداً لتذوق نبيذ العنب والبطل المتململ من الحفلة الرتيبة. هذا المشهد يتكرر لدى مقيمي القهوة إلا أنهم يستمتعون بهذه العملية وهي ما يسمى بالكبنج “Cupping” وهي العملية التي تتم بعد تحميص البن لتقييمه التقييم النهائي وتحديد الإيحاءات التي يتميز بها.
القصة السابقة والمشهد المتكرر في الأفلام الأمريكية هي موضوع هذا المقال.
بسبب اعتيادنا على مرارة القهوة الكلاسيكية وأنها مرارة لا يداخلها شيء، فلكل واحد منا تجربة فريدة مع أول كوب قهوة مختصة.
لابد وأنك تتذكر أول كوب قهوة تذوقته وتتذكر تعجبك من النكهات المضافة لهذه القهوة فهي ليست مرة كالقهوة التي اعتدت عليها فهذه القهوة فيها شيء من حموضة الليمون أو رائحة عطرية أو نكهة الشوكولاته الداكنة أو المكسرات أو الكاراميل!
هذه النكهات لم تضف إلى حبوب القهوة عند المعالجة أو التحميص ولا إلى كوب قهوتك، بل هي نكهات تنشأ مع حبات البن وتتطور بشكل أكبر عند تحميص القهوة. تتأثر بشكل أساسي بمنشأ القهوة، طريقة المعالجة، التحميص وانتهاء بطريقة التحضير.
لماذا لم يسبق لنا تذوقها في القهوة التجارية؟
تحرص الشركات التجارية على تحميص القهوة لدرجة داكنة تقضي على هذه النكهات للحصول على نكهة ثابتة للقهوة التي يقدمونها، علاوة على أن القهوة عبارة عن خليط لمحاصيل متعددة يلغي بعضها إيحاءات بعض.
هل يجب أن أتذوق جميع الإيحاءات المكتوبة على كيس القهوة؟
في القهوة المختصة تكون إيحاءات القهوة قوية لدرجة تظن معها بأنها نكهة مضافة لحبات البن وتضعف أيضاً لدرجة يصعب على المستهلك العادي ملاحظتها.
لذا لا تشعر بالحرج عندما ترى من ضمن الإيحاءات المكتوبة على كيس القهوة “أناناس” لكنك لا تستطعمه في الكوب إطلاقاً!
ليس من الضروري أن تستطعم النكهات المذكورة على كيس القهوة فالفريق الذي قام بتقييم القهوة وتحديد إيحاءاتها هو فريق متمرس على تحديد هذه النكهات بعد دورات تذوق مكثفة وممارسة هذه المهنة لوقت طويل.(تماما كصاحبنا علوش) كما أن تحديد الإيحاءات يعتمد على خبراتك الحسية السابقة فبالتأكيد لن تستطيع تحديد إيحاء “فاكهة ليتشي” في حين لم يسبق لك تناولها! وأيضاً قد تتذوق قهوة وتستطعم نكهة الشوكولا فيها إلا أن صديقك لا يشاركك نفس الرأي لنفس القهوة!
أيضاً حين ترى من ضمن الإيحاءت “ليمون” فلا تتوقع أن تتذوق ليمون وإنما مذاق يشعرك بحموضة الليمون أسفل الفك.
لذا لا تأخذ الأمر على محمل الجد.
ما الفائدة من تحديد إيحاءات القهوة؟
تحدد إيحاءات القهوة المميزات الرئيسية للبن.. درجة الحموضة حلاوته ومرارته
لذا فهي تساعدنا في اختيار المحاصيل عند التسوق بالمقارنة بإيحاءات محاصيل سابقة أحببناها. إذا كنت تحب القهوة الفاكهية فأنت بالطبع ستبحث عن إيحاءات المانجو، الخوخ، الأناناس، الليمون.
هل إيحاءات القهوة وسيلة تسويقية؟
نعم، قد يستخدم الحماص الإيحاءات كوسيلة تسويقية تجذبك لشراء البن (سترغب حتما بشراء بن بإيحاء الخوخ). كما أن البعض يبالغ في وصف الإيحاءات فيصف “المانجو المجففة” أو “قشور الليمون” أو أوصاف غريبة مثل “علكة الفراولة” إلا أنه من الصعوبة على المستهلك العادي أن يحاكي أجواء المعمل الذي قام فريق التحميص فيه بتحضير وتقييم هذا المحصول لذا فإنه من الطبيعي أن نحصل على نتائج مختلفة.
مشكلة التوقعات المسبقة
حين تشتري كيساً من البن اعتماداً على الإيحاءات المكتوبة على الملصق، فأنت بالتأكيد ستبحث عنها عند تحضير كوب من نفس البن! نحن ننصحك بأن تفعل العكس، تذوق الكوب أولاً وحاول التعرف على الإيحاءات ثم راجع الملصق وما إذا كان يوافق ما تذوقته.
لا توجد تعليقات