ظهر مصطلح “القهوة المختصة” للمرة الأولى في مقال لإرنا نوتسن في عدد من مجلة “تجارة الشاي والقهوة” في العام 1974م. إرنا استخدمت هذا المصطلح لوصف أنواع من البن عالية الجودة وذات نكهات رائعة تنمو في نطاق جغرافي ضيق.

تلا ذلك تأسيس جمعية القهوة المختصة في أمريكا في العام 1982، ثم جمعية القهوة المختصة في أوروبا في 1998 لتنظم الجمعيتين فيما بعد تحت مسمى جمعية القهوة المختصة SCA.

أما لماذا تأسست هذه الجمعيات؟ فالقهوة -كما بقية المحاصيل الزراعية- تتعرض لعوامل عديدة تأثر بشكل كبير في جودة كوب القهوة الذي تتناوله. لذا عنيت هذه الجمعيات بتطوير صناعة القهوة من خلال نشر المعرفة بين المزارعين أولاً ومساعدتهم لتحسين إنتاج البن من مزارعهم ومن خلال وضع معايير تضمن جودة المحاصيل.

ولعلنا هنا نعرج على مصطلح “موجة القهوة الثالثة” وهو مصطلح يطلق على مقاهي القهوة بعد العام 2000م

 

 

الموجة الأولى

للقهوة فكانت بظهور القهوة سريعة التحضير مع الثورة الصناعية في العام 1850م وتميزت بتوفير قهوة مناسبة لنمط الحياة المتسارع بطعم غير متغير، سعر زهيد ومتوفرة على أرفف المحلات وتجد بعض المطاعم الأمريكية تقدمها حتى اليوم بالمجان!

 

 

الموجة الثانية

للقهوة كانت في أواخر الستينات من القرن الماضي بالتركيز على جودة البن والتحميص واختيار محاصيل بلدان معينة وتميزت بالتحميص الداكن لحبات البن. وظهرت كثير من سلاسل محلات القهوة التي نعرفها اليوم تبعاً للموجة الثانية ولازالت متواجدة ولعل ستاربكس من أشهرها.

 

 

الموجة الثالثة

“القهوة المختصة” فهي نتاج طبيعي لتطور معرفة المزارعين، تقنيات الزراعة، المعالجة، الشحن، التحميص وانتهاء بمتجر قهوتك المفضل أصبح بالإمكان مواكبة ذائقة المستهلك العالية.

ونستطيع تعريف القهوة المختصة بأنها القهوة التي تحرز تقييم أعلى من 80 نقطة من 100 حسب معايير جمعية القهوة المختصة وأما أقل من 80 نقطة فتعتبر قهوة تجارية.

وفي كل عام يتنافس المزارعون لإنتاج قهوة ذات تقييم عال ليتسنى لهم بيعها بأفضل الأسعار بدلا من القبول بالبيع حسب سعر بورصة القهوة التجارية.

أما إذا أحرز محصول تقييم أعلى من 90 نقطة فإن هذا المحصول يباع غالباً في مزادات “كأس النخبة” وهي منظمة أخرى تعنى بتنظيم مزادات لأفضل محاصيل القهوة حول العالم.

 

 

من يقوم بتقييم القهوة؟ وكيف تقيم؟

يقوم مختصون مرخصون من قبل منظمة القهوة المختصة العالمية بتقييم البن الأخضر (للتأكد من خلوه من العيوب كالعفن أو الضرر الذي تسببه الحشرات الدقيقة) وبعدها يقومون بتقييم البن بعد حمصه (رائحة البن الجاف، رائحة البن بعد الترطيب ثم تذوقه وتحديد حلاوته وحموضته وإيحاءاته) ويسمى مقيم القهوة بـ Q-Grader ويمكنك أن تصبح مقيم قهوة بنفسك بعد حضور الدورات التدريبية واجتياز اختباراتها.

 

يتم تقييم القهوة حسب 10 معايير كل معيار من 10 نقاط. المعايير كالتالي:

1. درجة التحميص، رائحة القهوة الجافة ورائحتها بعد الترطيب.
2. الطعم والطعم المتبقي في الحلق.
3. الحموضة.(وتقيم حسب ما إذا كانت محببة أم لا وكذلك حسب شدتها)
4. القوام.
5. التوازن.
6. التماثل. (ويقصد تماثل طعم القهوة والتماثل بين أكثر من كوب من نفس القهوة)
7. نظافة الكوب. (مدى خلو الكوب من العيوب والنكهات غير المرغوبة)
8. الحلاوة.
9. التقييم العام. (هنا يأتي رأي المقيم، إذا رأى أن أي من النقاط السابقة لم توفي القهوة حقها)
10. التقييم الكلي من 100 (مجموع النقاط السابقة)

 

 

 

 

 

 

 

 

أبرز الفروقات بين القهوة التجارية والقهوة المختصة

المصدر: لا يتم تقديم القهوة المختصة حسب بلد الإنتاج فحسب بل بإمكانك البحث عن حبوب بن منتجة من مزرعة بعينها في اثيوبيا على سبيل المثال، ما يعطيك تجربة فريدة وطعم مختلف عن أي نوع آخر من القهوة. وهذا على العكس من القهوة التجارية والتي لا تراعي الفروقات في النكهات بين مزرعة وأخرى أو منطقة وأخرى في نفس البلد المنتج.

 

القطف: تقطف حبات البن تامة النضوج بأيدي المزارعين ذوي الخبرة في حين تتم عملية القطف بالآلات للقهوة التجارية والتي تقطف جميع حبات البن من الشجرة.

 

 

الكمية: يقوم المزارع بفرز محصوله واختيار أفضل حباته وتقديمها منفصلة للتقييم ليتسنى له بيعها في مزادات سوق القهوة المختصة وبالطبع فإنه سيبيع ما تبقى في سوق القهوة التجارية والذي يخضع لسعر السوق العالمي. هذا يجعلنا نفهم سبب انخفاض انتاج القهوة المختصة والعثور عليها فهي تتطلب عناية فائقة.

 

نوع البن: هناك نوعان من أشجار القهوة (سنذكر اثنان فقط حتى لا نتشعب كثيراً ولعلنا نناقشها بشكل مفصل في مقال لاحق) قهوة الآرابيكا وقهوة الروبوستا.

 

قهوة الروبوستا شديدة المرارة وتحتوي على نسبة عالية من الكافيين (2.7%) الذي يساعدها على مقاومة الآفات مما يجعل من زراعتها أسهل من الأرابيكا كما أنها تنمو في السهول على مستوى سطح البحر وحتى ارتفاع 700 متر فوق سطح البحر.

قهوة الآرابيكا تحتوي على كافيين بنسبة 1.5% (نصف ما تحتويه الروبوستا) مما يجعلها أكثر عرضة للآفات الزراعية كما أنها تنمو على ارتفاعات أعلى من 1200 متر فوق سطح البحر (يفضل عشاق القهوة الارتفاعات العالية لمصادر البن حيث أن هذا يعزز من النكهات المفضلة لديهم).

في القهوة المختصة لن تجد سوى بن الأرابيكا. في الوقت الذي تلجأ فيه شركات القهوة لخلط قهوة الروبوستا الزهيدة مع الآرابيكا لزيادة الأرباح.

 

التحميص: تحمص القهوة المختصة تحميص فاتح اللون مقارنة بالقهوة التجارية. والفرق بين الإثنين أن التحميص الفاتح يحافظ على النكهات المميزة (الإيحاءات) لحبات البن حسب مصدرها في حين أن التحميص الداكن تتطاير منه النكهات المميزة ويبقى طعم القهوة المر.

في القهوة التجارية تحمص بشكل داكن حتى يحصل المستهلك على نفس النكهة في كل مرة يستهلك هذا المنتج.

 

الحموضة: تتميز القهوة المختصة بطعم حامض مرغوب ويزاحم مرارة القهوة وهذه الحموضة تزيد وتقل حسب مصدر القهوة وطريقة معالجتها.

 

حاولنا في هذا المقال شرح أبرز الفروقات بين القهوة المختصة والقهوة التجارية لأن بأضدادها تتمايز الأشياء وسنواصل في مقالاتنا القادمة إضافة مزيد من التفاصيل حول القهوة المختصة.